احتلل مدينة القدس

40 عاما على احتلال المدينة المقدسة

احتلل مدينة القدس Aqsa_tahwid6_300_0

نواف الزرو

لعل من ابرز المفارقات العجيبة الغريبة التي تهيمن على المشهد الفلسطيني في الذكرى الـ 40 لهزيمة حزيران واحتلال الضفة وغزة وسيناء والجولان ، ما يتعلق منها بوضع المدينة المقدسة التي تحظى دون غيرها - نظريا واعلاميا - بالاجماع العربي ـ الاسلامي على نحو خاص بانها جوهرة وسرة الامتين وعاصمتهما الدينية ، فضلا عن كونها عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة. فهذه المدينة المقدسة المحتلة الرازحة تحت انياب بلدوزر التجريف والتهويد المسعور تواجه في هذه الايام تحديات استراتيجية تهدد بضياعها .

فاليوم وبعد اربعين عاما كاملة على احتلال المدينة المقدسة يعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت "انه سيسعى لتوسيع رقعة القدس وأنه يأمل في أن يقبل العالم في نهاية الامر الحكم الاسرائيلي للمدينة ـ عن المصادر الاعلامية 18 ـ 5 ـ 2007". وقال اولمرت في حفل بمناسبة ذكرى احتلال "إسرائيل" للجزء الشرقي من القدس وضمها في عام 1967: "لم تكن الأعوام الاربعون الماضية سوى بداية ، وأعتقد وآمل وأصلي من أجل ان نواصل العمل معا لتوطيد دعائم القدس وتوسيع رقعتها وتثبيت أركانها وبناء أحيائها". وتابع "اذا فعلنا ذلك بحكمة وحذر فسنحافظ على المدينة دائما تحت سيادتنا كاملة وموحدة ومقبولة للعالم بأسره. هذا هو هدفنا".

يضاف الى ذلك اقدام سلطات الاحتلال على تنفيذ سلسلة لا حصر لها من الاجراءات التهويدية في المدينة المقدسة على مدى العقود الاربعة السابقة نلخصها بالعناوين :

- مواصلة مصادرة الاراضي.
- الجدار العازل: فاستيطانياً وتهويدياً يعتبر الجدار العازل الذي يلتف حول المدينة المقدسة"الأخطر ، وهو بمثابة الصياغة النهائية لتهويد القدس ، عبر عزلها جغرافياً وسكانياً واقتصادياً وحضارياً ودينياً عن الجسم الفلسطيني كله ، ويبدو وفق المؤشرات ان دولة الاحتلال ماضية بلا تردد في بناء الجدار الذي يحكم قبضة الاحتلال تماماً على المدينة.
- هدم المنازل المقدسية: وفي السياق الاستيطاني التهويدي التفريغي ذاته تشير التقارير الى تصعيد اسرائيلي جديد فيما يتعلق بسياسة هدم المنازل العربية في القدس.
- هدم الاقصى وبناء الهيكل: والقصة هنا ليست فزاعة وهمية يظهرونها كلما "دق الكوز بالجرة" بل هي عبارة عن نوايا ومخططات وتنظيمات وتحركات تتراكم وترمي كلها في المحصلة الى هدم الاقصى المبارك وبناء الهيكل الثالث على أنقاضه.
- الانتهاكات ضد حرية العبادة.
- انتهاك الحقوق الاجتماعية والاقتصادية.
- اغلاق المؤسسات الفلسطينية. اذن...الواضح ان المدينة غدت عمليا اليوم وبعد 40 عاما على احتلالها بين افكاك العزل الشامل والتهويد الكامل ، وجدار - غلاف - العزل يحولها الى "غيتو" كبير ، في الوقت الذي يقف العرب والمسلمون متفرجين بلا حول ولا قوة ولا حركة ولا حتى رمشة جفن.

وفي هذا السياق الهجومي التهويدي كان ايضا مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية خليل التفكجي قد حذر قائلا:"إنه في غمرة الانشغال الفلسطيني الداخلي فإن الحكومة الإسرائيلية تعمل على قدم وساق وبخطوات مدروسة على رسم القدس الجديدة ، والتي يقول إن عدد الفلسطينيين فيها لن يزيد عن 100 ألف وتضم الكتل الاستيطانية (معاليه أدوميم وجفعات زئيف وغوش عتصيون) في حين تخرج الغالبية العظمى من أحياء المدينة تماما كما تم إفراغ عدد من الأحياء من خلال الجدار" ، واضاف "إن المشروع الاستراتيجي الذي يعملون عليه الآن للقدس عام 2020 يطبق على أرض الواقع عن طريق إقامة الجدار وإقامة الشوارع التي تربط المستوطنات من الناحية الشرقية والشمالية الغربية والجنوبية الغربية".

وضمن خطط التعبئة الاستيطانية في منطقة القدس وخلق تواصل جغرافي بين المستوطنات وقطع أوصال التجمعات السكنية الفلسطينية ، وتغييب الخط الأخضر بشكل نهائي من قبل دائرة صنع القرار في بلدية القدس والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أقرت لجنة التخطيط والبناء في مدينة القدس خطتين لبناء حوالي 20 ألف وحدة سكنية ، وتقديم توصية ببناء حي سكني يهودي في القدس الشرقية يضم 500 وحدة سكنية.

وقبل ذلك كانت المصادر كشفت النقاب عن خطة بناء في منطقة عطاروت تشمل بناء حوالي 10 آلاف وحدة سكنية. في ضوء كل ذلك نثبت بالمانشيت العريض انه لولا الاوضاع الفلسطينية الداخلية وهذا الصراع النكبوي ، ولولا حالة انعدام الوزن والتوازن والتوهان وفقدان البوصلة العربية ، لما كانت دولة الاحتلال الصهيوني لتواصل هجومها وعربداتها واجتياحاتها النكبوية وتطبيقاتها الاجرامية لمشروعها الاستيطاني التهويدي بصورة محمومة في كل انحاء الضفة الغربية بشكل عام وعلى ارض المدينة المقدسة بشكل خاص.

المؤسف ..المحزن...المؤلم ..المغضب ..ان كل ذلك يجري على مرأى من العالمين العربي والاسلامي دون ان يحرك احد ساكنا في اتجاه التصدي على الاطلاق ... ونعتقد بقناعة كبيرة راسخة اننا لو كنا في زمن عربي آخر مختلف عما نحن فيه اليوم بسبب الاوضاع والهزائم والارادات السياسية العربية المغيبة او المعتقلة لكان من شأن ما يجري على ارض القدس من اجتياحات واعتداءات وهجمات تهويدية منهجية سافرة ان يقيم العالم العربي ـ الاسلامي ولا يقعده ابدا.. ابدا؟، ونتساءل في الخلاصة المكثفة: هل يرتقي العرب والمسلمون يا ترى يوما الى مستوى المسؤولية التاريخية والحضارية والدينية ويدركون الزمن الذي يعمل وفق معطيات وحقائق الامر الواقع في خدمة مشروع الاحتلال والاستيطان والتهويد؟، فاي قدس ستبقى لنا يا ترى في ظل معطيات المشهد العربي ـ الاسلامي ـ الدولي الراهن المخجل؟

* صحيفة الدستور الأردنية

*-*-*-*-*-*;.:>,:*-*--'"}والله شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا*-*-*-*-*-*;.:>,:*-*--'"}